نظراً لزيادة أعداد المسلمين، وتوفّر وسائل النّقل الآمنة وسهولتها، ازدادت بذلك أعداد المسلمين الرّاغبين بأداء مناسك الحجّ، فقد تترتّب على الأعداد الكبيرة بعض المشاكل، منها:
صعوبة استيعاب هذه الأعداد كلّها في أماكن الشعائر والنُّسك، وعدم إمكانيّة تقديم الخدمات التي يحتاجها الحُجّاج على نحوٍ مُلائِم، إضافةً إلى ما قد يلحقهم من مخاطر؛ نتيجة التّدافع والزِّحام الشّديدين، ولعلّ ذلك ما دفع المعنيّين إلى الإقرار بضرورة استصدار تصريح؛ لجواز أداء مناسك الحجِّ والسَّماح به، وأمّا عن حُكم الحجّ دون تصريح، فالحُكم يختلف حسب حال الحاجّ، وبيان ذلك على النحو الآتي:[
الحالة الأولى:
أن يكون الحجُّ الذي يريد المسلم الخروج لأدائه هو حجُّ الفريضة؛ أي حِجَّة المسلم الأولى، ولم يسبق له أن أدّى فرض الحجّ، ففي هذه الحالة يجوز الحجُّ دون تصريح في حال العجز عن تحصيل تصريح للحجّ؛ لأنّ الحجّ فرض على كلّ مسلم قادر، وهو فرض على الفور عند جمهور العلماء بخلاف الشّافعيّة.
الحالة الثّانية:
أن يكون الحجّ الذي يرغب المسلم في تأديته حجّ نافِلةٍ؛ أي أن يكون المسلم قد أدّى حجّ الفريضة، لكن يريد تأدية حجَّاتٍ أخرى تطوّعاً وسُنّةً، ففي هذه الحالة لا يجوز للمسلم الحجّ دون تصريح؛ التزاماً بأمر وليّ الأمر، فطاعته في هذه الحالة واجبة، وبهذا تكون طاعته في أمره المبنيّ على مصلحة عموم المسلمين أَوْلى من حجّ النّافلة؛ لأنّ طاعته واجبة، وأمّا الحجّ بعد حجّ الفريضة فحكمه النّفل، وفي ذلك يقول الشّيخ ابن عثيمين: (أمّا النافلة، فليست واجبةً، وطاعة وليّ الأمر واجبة فيما لم يتضمّن ترك واجبٍ، أو فعل مُحرَّمٍ).