حدَّد العُلماء شُروطاً للحجّ عن الغير
* منها ما يتعلّق بالأصيل
* ومنها ما يتعلّق بالوكيل
وهي كما يأتي:
أن تكون نيّة الحاجّ عن الأصيل، وتكون هذه النيّة في القلب، والأفضل أن يتلفّظ بها الوكيل بلسانه؛ فيقول: "نَوَيتُ الحجّ عن فُلان"، ويُسمّي الأصيل، وهذا الشرط من الشروط المُتَّفَق عليها بين الفُقهاء.
أن يكون الأصيل غير قادرٍ على أداء الحجّ بنفسه، وعنده مال يكفيه ليُوكلَ غيره بالحَجّ عنه، أمّا إن كان قادراً على الحجّ بنفسه، فلا يجوز أن يُوكِلَ غيره بالحَجّ عنه، وهذا الشرط من الشروط التي اتَّفق عليها جُمهور الفقهاء من الشافعية، والحنفية، والحنابلة، وخالفهم فيه المالكية الذين لا يُجيزون الحَجّ عن الحيّ بأيّ حال، بينما أجاز الفقهاء جميعهم الحجّ عن الميّت، واشترط المالكية، والحنفية أن يكون الميّت قد أوصى بالحَجّ عنه، في حين ذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوب الحجّ عنه إن كان قادراً حتى وإن لم يُوصِ.
أن يكون الأصيل عاجزاً عن الحجّ عَجزاً مستمرّاً إلى حين الأجل، كالمرض، والحَبس؛ فلو زال العَجز عنه قبل الموت وكان قد وَكَّلَ غيره بالحَجّ عنه، فإنّ ذلك لا يُجزئه عند الحنفية، والشافعية، ويرى الحنابلة أنّ ذلك يُجزئه، ولا يجوز الحَجّ عن الشخص الحيّ عند المالكيّة إلّا بعد وفاته.
أن يكون الوكيل قد حَجّ عن نفسه، وإلّا لم تُجزئ الحجّة عن الأصيل، وذلك عند الشافعية، والحنابلة، ولم يشترط الحنفية، والمالكية ذلك؛ إذ ذهبوا إلى جواز الحجّ عن الغير حتى وإن لم يكن الوكيل قد حَجّ عن نفسه؛ لأنّ الحَجّ عند المالكية لا يجب على الفور، وإنّما يجب على التراخي.
أن يكون الأصيل قد أمرَ بالحَجّ عنه، وذلك إن كان حيّاً، وهذا عند الفُقهاء جميعهم، أمّا إن كان الأصيل ميّتاً، فلا يجوز الحَجّ عنه إلّا إذا أوصى عند الحنفية، والمالكية، في حين ذهب الشافعية، والحنابلة إلى وجوب الحَجّ عنه حتى وإن لم يُوصِ، وتكون نفقة الحجّ من تَرِكَته إن كانت له تَرِكة، فإن لم تكن له تَرِكة، فيُستحَبّ لورثته الحَجّ عنه، أو إرسال من يحجُّ عنه.
أن تكون نفقة الحجّ، أو أكثرها من مال الأصيل، وذلك عند الحنفية، أمّا الشافعية والحنابلة فيرون جواز التبرُّع بنفقات الحَجّ عنه، ويرى المالكية أنّ الأمر في ذلك يعتمد على وصيّة الأصيل، ويُستثنى من نفقة الحَجّ دم القِران والتمتُّع؛ إذ تكون على نفقة الوكيل.
أن يكون إحرام الوكيل من الميقات الذي طلب الأصيل إحرامه منه، وعلى النَّحو الذي طُلِب منه؛ فلو أُمِر بحجّ الإفراد وحَجّ قارناً، فإنّ الحَجّ يقع، أمّا إن أمرَه الأصيل بالإفراد وتمتَّعَ الوكيل، فإنّه لا يقع، وهذا عند الشافعية، بينما يرى الحنفية خِلاف ذلك؛ فلا يقع الحجّ عندهم في حال الحجّ بطريقة أخرى غير التي طُلِبت منه، وهو غير جائز، ويجب عليه ضمان نفقات الحجّ، في حين يرى المالكية مُساواة حَجّ القِران بحَجّ التمتُّع، ويرى الحنابلة جواز أيّ نوع من أنواع الحجّ.
أن تكون الأُجرة للحجّ عن الغير غير مُشترَطة كما عند الحنفية، في حين يرى الجُمهور من الشافعية، والحنابلة، والمالكية جواز الأُجرة في الحجّ.
أن يكون الوكيل بالغاً عاقلاً، وأجاز الفُقهاء أن يكون الوكيل مُراهقاً، بشرط أن يكون مُميّزاً.
أن يكون حَجّ الوكيل عن الأصيل راكباً عند جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، أمّا المالكية فيجب عندهم الحجّ ماشياً بشرط عدم وجود المَشقّة الشديدة.