حين سَرَتْ في الشارعِ الضَّوضاءْ واندفَعَتْ سيارةٌ مَجنونةُ السَّائقْ تطلقُ صوتَ بُوقِها الزاعقْ
في كبدِ الأَشياءْ: تَفَزَّعَتْ حمامةٌ بيضاءْ (كانت على تمثالِ نهضةِ مصرْ.. تَحْلُمُ في استِرخاءْ)
طارتْ, وحطَّتْ فوقَ قُبَّةِ الجامعةِ النُّحاسْ لاهثةً, تلتقط الأَنفاسْ وفجأةً: دندنتِ الساعة.
الطيورُ مُشردةٌ في السَّموات ليسَ لها أن تحطَّ على الأرضِ ليسَ لها غيرَ أن تتقاذفَها فلواتُ الرّياح! ربما تتنزلُ كي تَستريحَ دقائقَ فوق النخيلِ – النجيلِ – التماثيلِ – أعمِدةِ الكهرباء –
حوافِ الشبابيكِ والمشربيَّاتِ والأَسْطحِ الخرَسانية.
قصدتهم في موعد العشاء تطالعوا لي برهة، ولم يرد واحد منهم تحية المساء!وعادت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة في طبق الحساء نظرت في الوعـــاء : هتفت : (( ويحكم دمي هذا دمي فانتبهوا )) لم يــأبهوا ! وظلّت الأيدي تراوح الملاعق الصغيرة.
هذا الذي يجادلون فيه قولي لهم عن أمّه، ومن أبوه أنا و أنت حين أنجبناه ألقيناه فوق قمم الجبال كي يموت ! لكنّه ما مات عاد إلينا عنفوان ذكريات لم نجتريء أن نرفع العيون نحوه لم نجتريء أن نرفع العيون نحو عارنا المميت ها طفلنا أمامنا غريب.
أيتها العرافة المقدَّسةْ جئتُ إليك مثخناً بالطعنات والدماءْ أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ. أسأل يا زرقاءْ عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء عن ساعدي المقطوع وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة عن صور الأطفال في الخوذات ملقاةً على الصحراء عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء.. فيثقب الرصاصُ رأسَه في لحظة الملامسة !.
تسألني جاريتي أن أكثري للبيت حرّاسا فقد طغى اللصوص في مصر ..
بلا رادع فقلت: هذا سيفيَ القاطع ضعيه خلف الباب. متراسا! ماحاجتي للسيف مشهورا ما دمت قد جاورت كافورا ؟ عيدٌ بأية حال عدت يا عيدُ ؟ بما مضى ؟ أم لأرضي فيك تهويد ؟ نامت نواطير مصرعن عساكرها وحاربت بدلاً منها الأناشيد ! ناديت: يا نيل هل تجري المياه دماً لكي تفيض، ويصحو الأهل إن نودوا عيد بأية حال عدت يا عيد؟